حول تصريح وزارة العمل بعدم اعتبار فترة حظر التجول عطلة رسمية

من الناحية القانونية ما صدر عن الوزارة وعن ديوان الرأي والتشريع هو مجرد تصريح صحفي يتضمن وجهة نظرهما في هذا الشأن، ولا يعدو كونه رأيا ولا يرقى إلى مستوى القرار أو تفسير القانون أبدا، فتفسير القوانين هو من صلاحيات القضاء والديوان الخاص بتفسير القوانين فقط، ولا يمكن الإستناد إلى هذا التصريح في حال حصول نزاع أو أمام القضاء. 

ومن المثير للاستغراب استناد التصريح الصحفي الحكومي في اعتبارها أن فترة الحظر لا تعتبر عطلة رسمية إلى أن الجهة التي قررت فرض الحظر هي المركز الوطني لإدارة الأزمات وليس رئاسة الوزراء، وهو أمر يخالف أحكام نظام المركز الذي لا يعطيه أي صلاحيات من هذا النوع، لا بل تنحصر معظم صلاحياته في التوصية وتقديم الرأي، حيث تنص المادة ٩ منه على أن لرئيس الوزراء بناء على تنسيب الجهة المسؤولة عن إدارة الأزمة وبعد التنسيق مع الجهات العسكرية والأمنية وأي جهة ذات علاقة اتخاذ ما يلزم من اجراءات لمعالجة الأزمة، كما يخالف التصريح الحكومي في هذا الشأن أحكام قانون الدفاع الذي نص صراحة في المادة الرابعة منه على صلاحية رئيس الوزراء في فرض الحظر والإغلاق، وبموجب هذه المادة صدرت قرارات حظر التجول السابقة ومنها أمر الدفاع رقم 2 الذي تم بموجبه فرض حظر التجول خلال شهر آذار الماضي.   

كما أن اعتبار الحظر ليس عطلة رسمية هو خطأ أيضا، فالعطلة الرسمية حسب القانون وتفسيراته نوعان، هما العطل المتكررة، والعطل الطارئة، وفترة الحظر تعتبر عطلة طارئة، أي أنها عطلة رسمية تنطبق عليها شروط العطلة الرسمية والأحكام المتعلقة بها في قانون العمل، وبشكل خاص المادة 59 منه والتي بموجبها يتقاضى العامل أجره كاملا عن أيامها، وفي حال تم تشغيله خلالها يتقاضى أجرا إضافيا مقداره 150% من أجره المعتاد عن كل يوم منها. 

إن هذا التوجه بعدم اعتبار الحظر أيام عطلة رسمية تسبب في إرباك العمال وأصحاب العمل على السواء، وسيؤدي إلى خلافات واجتهادات مختلفة ونزاعات قانونية أمام القضاء، خاصة وأن التصريح الصحفي تدخل في تفاصيل قانونية حول كيفية حساب الأجور بصياغة متداخلة لا أساس قانوني لها في قانون العمل، أقحمت الأطراف في تفسيرات أدت إلى حدوث التباسات، كانت في غنى عنها، إذ أنه كان من الأولى أن تترك الأمر للقانون. 

ومن الناحية القانونية كان الأولى في الحكومة إن ارتأت أن تذهب إلى اعتبار الحظر ليس أيام عطلة رسمية، أن تصدر بلاغًا مستندة إلى أمر الدفاع رقم 6 أو أن تصدر أمر دفاع جديد، وفق الصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء بموجب قانون الدفاع، متضمنا وقف العمل بالأحكام الخاصة بالعطل الرسمية والأجور المستحقة خلالها، رغم أننا نرى في ذلك ظلم كبير للعاملين دون مبرر.

وكان بيت العمال قد قد قدم لوزير العمل رأيا قانونيا حول تصريح الوزارة فيما يلي مضمونه:

أولا: أوقف أمر الدفاع رقم (6) العمل بالمادة (50) من قانون العمل بموجب الفقرة (ح) من البند رابعا لغايات تنفيذ الفقرتين (هـ) و(و) من نفس البند المتعلقتين بالسماح بتخفيض أجور العمال المتوقفين عن العمل في المؤسسات المصرح لها بالعمل، وأجور العاملين في المؤسسات غير المصرح لها بالعمل. 

ثانيا: حصر البلاغ رقم (8) حالات السماح بتخفيض الأجور بالقطاعات الأكثر تضررا، بينما أوجب أن تدفع أجور العاملين في القطاعات الأخرى كاملة سواء منهم من كان يعمل أو من كان من غير المكلفين بالعمل. 

ثالثا: لم يرد في البلاغ رقم (8) أي نص صريح بإلغاء البند (رابعا) من أمر الدفاع رقم (6) أو أي من فقرتيه (هـ) و(و)، كما لم يرد فيه أي نص يشير إلى إعادة تفعيل المادة (50) من القانون وإلغاء وقف العمل بها. 

بالنتيجة: 

  • تشكل صلاحية وقف العمل بأي حكم قانوني استحداثا لمركز قانوني جديد بموجب المادة (10) من قانون الدفاع، وعليه فيجب أن يكون ذلك بنص صريح لا لبس فيه، وكذلك إلغاء الوقف.

  • لم يلغي البلاغ رقم (8) الأحكام الخاصة بتخفيض الأجور في البند (رابعا) من أمر الدفاع، بل أجرى عليها تعديلا، بحيث أصبحت حالات التخفيض محصورة فقط في القطاعات الأكثر تضررا، أما القطاعات الأخرى فأوجب في البند (ثالثا) منه أن تدفع أجور العاملين فيها كاملة ويشمل ذلك المتوقفين منهم عن العمل، الأمر الذي يؤكد على أن المادة (50) ما زالت موقوفة.

وعليه وللخروج من احتمالات اللبس وتداخل هذه الأحكام، ونظرا لأن التصريح الصحفي لا يعدو أكثر من رأي ولا يحمل صفة الإلزامية القانونية، فمن الضروري العمل على إصدار بلاغ بموجب أمر الدفاع رقم (6) يتضمن صراحة إلغاء وقف العمل بالمادة (50) من قانون العمل، والحالات التي يتوجب على المؤسسة أن تتوقف فيها عن العمل ومدة التوقف والجهة المعنية بتحديد ذلك، وأجور العاملين في المؤسسات التي تتوقف عن العمل بسبب الإصابات، وكذلك أجور العاملين المتوقفين عن العمل بسبب إصابتهم أو عزلهم أو حجرهم، والشروط والإجراءات المتعلقة بذلك.