01 May
01May

عمان – دعت منظمات نقابية وعمالية الى ضرورة تطوير سياسات الحد من الفقر، وتحسين الظروف الاجتماعية والعمالية مع التأكيد علىى اهمية زيادة الجولات التفتيشية في أماكن العمل للحد من الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، واعتماد سياسات تسرّع تجاوز أزمة فيروس كورونا ومعالجة آثارها، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير الحماية الاجتماعية.

واكدت في تقارير صدرت عنها بمناسبة يوم العمال أن تحديات غير مسبوقة تواجه العمال في سوق العمل الأردني وأن غالبيتهم يعانون من ظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث عدم توفر فرص عمل أو انخفاض مستويات الأجور واتساع ظاهرة العمل غير المنظم، وغياب الأمن والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم العمالية والإنسانية المنصوص عليها في تشريعات العمل الأردنية.

بيت العمال للدراسات قال في تقريره الذي حمل عنوان “ما بعد الأزمة” ان أزمة الجائحة ما زالت تلقي بظلالها على الإقتصاد الوطني وعلى مختلف قطاعات العمل بصورة غير مسبوقة، في ظل التداعيات التي خلفتها على الوظائف والإنتاج، في أصعب أزمة محلية وعالمية يواجهها سوق العمل الأردني، سبقها في السنوات الأخيرة انحسار ملموس في قدرة الإقتصاد الوطني على استحداث فرص العمل، لتصل معدلات البطالة إلى مستويات قياسية في نهاية عام 2021 حيث بلغت (24.1%) والتي تمثل 435 ألف متعطل، بعد أن كان عددهم 324 ألفا في نهاية 2019، وهي النسبة الأسوأ في تاريخ المملكة، فاقت المعدلات التي سادت ما بعد الأزمة المالية التي شهدها الأردن في ثمانينيات القرن المنصرم، في وقت ما زال فيه معدل المشاركة الإقتصادية من أخفض المستويات عالميا حيث بلغ مع نهاية عام 2021 فقط 34% ممن هم في سن العمل، أي أن 66% من الأردنيين قي سن العمل لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، وبعضهم توقف عن البحث عن عمل وهم ما يسمون بفئة المحبطين.

وبين التقرير أن الأزمة قد كشفت النقاب عن هشاشة عانى منها سوق العمل، وعن الإفتقار إلى متطلبات الحماية الإجتماعية للعديد من فئات العمال، خاصة العاملين في القطاع غير المنظم الذين يمثلون 48% من مجموع العاملين في المملكة، وأنه قد ظهر جليا خلال الأزمة مدى تعرض هذه الفئة لخطر فقدان الدخل اللازم لمعيشتهم وأسرهم، في ظل المؤشرات التي تؤكد بأن هذه الفئة بدأت في التوسع خلال الجائحة على حساب القطاع المنظم نتيجة فقدان الآلاف من وظائفهم، الأمر الذي يتطلب تبني منظومة من القواعد التي تدعم بشكل أفضل الفئات الأكثر ضعفا وتحقق الحماية اللازمة لهم، سواء من حيث شمولهم بالتأمينات الإجتماعية أو بالحمايات القانونية الأخرى في تشريعات العمل بشكل خاص، ووضع سياسات فعالة تنتشلهم من ظروفهم الصعبة أسوة بغيرهم من العاملين كخطوة أولى نحو تشجيع انتقالهم من الإقتصاد غير المنظم إلى الإقتصاد المنظم.

وأشار التقرير إلى أن التصدي لهذه الأزمة يستدعي أن نرقى في التعامل مع آثار الجائحة على سوق العمل إلى مستوى مواجهة الإتساع الذي طرأ في شريحة المتعطلين عن العمل في ظل الخيارات المحدودة المتاحة، وانحسار إمكانيات تحقيق ارتفاع كاف في نمو الناتج المحلي، خاصة بعد أن تسببت الجائحة خلال العام الماضي في إضافة ما يقرب من 110 ألاف متعطل جديد عن العمل إلى معدل البطالة الذي كان مرتفعا بصورة غير مسبوقة قبل الجائحة، وزادت فيه نسبة المتعطلين الذين زادت مدة تعطلهم على 12 شهر لتصبح 49.5% من المتعطلين، وهو ما يمثل أكثر من 241 ألف متعطل، منهم 185 ألف متعطل لم يسبق له العمل نهائيا، وهو ما يؤشر إلى خطورة نوعية في سمات المتعطلين، في وقت ما زالت نسب البطالة بين فئة الشباب من أعمار 24 عاما فأقل هي الأعلى حيث بلغت مع نهاية 2021 نسبة (54.1%).

وأوصت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بـزيادة الجولات التفتيشية في أماكن العمل للحد من الانتهاكات التي يتعرض لها العمال، واعتماد سياسات تسرّع تجاوز أزمة فيروس كورونا ومعالجة آثارها، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتوفير الحماية الاجتماعية.

ونوهت في ورقة صادرة عنها بمناسبة يوم العمال العالمي إلى أن البطالة من أهم التحديات التي تواجه الاردن بعد تفاقمها وارتفاع معدلاتها لتصل خلال الربع الرابع من العام 2021 إلى 23.3%، وتسجل بين الإناث 30.7 % و22.3 % بين الذكور، وأشارت الورقة إلى أن معدل البطالة سجل ارتفاعاً بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد المتعطلون ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى مقسوماً على قوة العمل لنفس المؤهل العلمي)، حيث بلغ 27.2 % مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى، وأشارت الورفة إلى أن 52.4 % من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 47 %من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من المستوى الثانوي.

وطالبت الورقة الأخذ بعين الاعتبار التحديات المستمرة التي تواجه العاملين في وسوق العمل، عند إقرار أو تعديل التشريعات لأن ذلك يُساهم في الحفاظ على حقوق العمال والعاملات.

وأشارت الورقة على أن أوضاع العاملين وحقوقهم تفاقمت بشكل جذري بعد إعلان حالة الطوارئ بهدف مواجهة انتشار فايروس “كورونا” ومنع تفشيه في أذار 2020، وما تبعه من تعطيل العمل في كافة المؤسسات العامة والخاصة، كليا أو جزئيا، فجائحة كورونا حرمت العاملين من ممارسة حقهم في العمل، واستحقاقهم لأجورهم، وكذلك العيش بكرامة، لظروف طارئة غير متوقعة، وبالتحديد تلك الفئة التي تتلقى مقابل مالي أقل من الحد الأدنى للأجور، أو التي تعمل بمقابل المياومة، حيث استمرت هذه التداعيات حتى العام 2022 ولا يزال أثرها على العاملين.

وفقا للورقة تلقت تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان خلال العام 2021 (969) شكوى عمالية، منها (534) شكوى مقدمة من إناث، و (466) شكوى مقدمة من ذكور، وأوضحت الورقة أن النسبة الأعلى لمقدمي الشكاوى هم من الإناث، يعود إلى أن غالبية الشكاوى تركزت في قطاعات تعمل فيها الإناث مثل العمل المنزلي، والعمل في مصانع الألبسة، لكن ذلك لا يعني عدم تعرض العمال الذكور إلى انتهاكات، ونبرر عدم تقدمهم بشكاوى بأن عدد منهم قد يتحمل ما يتعرض له من انتهاكات حفاظا على فرصة العمل في ظل ارتفاع نسب البطالة وندرة فرص العمل المتاحة.

وأشارت الورقة أن (297) شكوى مقدمة من عمال أردنيين، بينما تم تقديم (207) شكوى من عمال حاملين للجنسية السورية، تلتها الجنسية الأوغندية بعدد (156) شكوى، ثم الفلبين بعدد شكاوى (117) شكوى، تبعها بعد ذلك كلا من الجنسيات التالية: بنغلادش، وغانا، وبورما، ومصر، واليمن، وسيريلانكا، وفلسطين، وأندونيسيا، وأثيوبيا، وكينيا، والسودان، وباكستان، ونيبال، والعراق، وتشاد، ونيجيريا.

وأوردت الورقةتوزيع الشكاوى وفقا لقطاع العمل حيت كان هنالك (355) شكوى مُقدمة من عاملات المنازل، تلاها قطاع الصيدلية بعدد (74) شكوى، أما قطاع المطاعم والمخابز والحلويات كان فيه (72) شكوى، أما قطاع البناء والانشاءات فكان فيه (67) شكوى، وفي المصانع (50) شكوى، فيما توزعت الشكاوى الأخرى وعددها (361) شكوى على قطاعات صالونات التجميل والميكانيك والتحميل والتنزيل والتجارة والنظافة والزراعة والتعليم والنقل وقطاع المبيعات، ونُشير هنا أن الانتهاكات لا ترتبط بجنسية أو جنس أو قطاع عمل فظروف العاملين مهما كان قطاع العمل واحدة من حيث الانتهاكات التي يتعرضون لها مع وجود تفاوت في طبيعة الانتهاك الممارس على العاملين.

أما فيما يتعلق بأبرز الشكاوى فكانت وفقا للورقة تأخير الأجور أو حجزها بشكل كلي أو جزئي، والحرمان من بدل العمل الاضافي، والفصل التعسفي، والحرمان من الإجازات والعطل الرسمية، وطول ساعات العمل، وحجز الوثائق الرسمية،

المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية انتقد في تقرير صادر عنه برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادية 2021-2022 التي أقرتها الحكومة نهاية العام الماضي، معلنا قلقه من تحفيز القطاع الخاص وتخفيض كلف التشغيل على أصحاب العمل، على حساب معايير العمل والحمايات الاجتماعية التي توفرها تشريعات العمل الأردنية من خلال تطبيق سياسات العمل “المرنة”، وذلك خضوعا لفرضيات خاطئة تقول إن شروط العمل الضعيفة والأجور المنخفضة تسهم في تشجيع الاستثمار المحلي.

وأشار التقرير إلى أن مشكلة برامج التشغيل غير مستدامة ولا تسعى إلى استحداث فرص عمل من خلال خلق مشاريع إنتاجية تساعد على تشغيل المتعطلين عن العمل، كما أنها لا تعالج سياسات التعليم، وتفتقر إلى استهداف تحسين شروط العمل في القطاع الخاص.

وأوضح التقرير أن حقوق العمال الأساسية في مختلف القطاعات باتت عرضةً للتهديد والمساومة، نتيجةً لغياب دور المنظمات النقابية والعمالية في الدفاع عن شروط العمل في الأردن، وعن لعب دور أساسي في الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل.

كذلك، انتقد التقرير اتخاذ قرارات تمس مصالح العمال دون الأخذ بوجهات نظر الممثلين عنهم، إذ أشار إلى أن الحكومة تميز بين موظفي القطاع الخاص والعام من خلال عدم شمولهم القطاع الخاص في قرارات العطل الرسمية التي تخصصها الحكومة لموظفيها فقط.

واعتبر التقرير أن انتهاج هذا النوع من التمييز من شأنه أن يعمّق اختلالات سوق العمل، ويدفع غالبية طالبي الوظائف للضغط على الحكومة لتوظيفهم في القطاع العام، باعتبار أن شروط العمل في القطاع العام أفضل من القطاع الخاص، لافتاً إلى أن ذلك لا ينسجم مع توجهات سياسات العمل التي تنادي بها الحكومة والتي تشجع العاملين على الانخراط في القطاع الخاص.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.