01 May
01May

تسببت الجائحة في إضافة أكثر من 80 ألف شخص إلى صفوف البطالة 

فاقت تداعيات الأزمة على سوق العمل الآثار التي سببتها الأزمة المالية في ثمانينيات القرن الماضي 

فقدان الوظائف تسبب في زيادة نسبة العاملين في القطاع غير المنظم ونسبة عمل الأطفال

 تعزيز قدرات شبكات الأمان الإجتماعي أصبحت ضرورة ملحة في ظل ضعف إمكانيات استحداث فرص العمل 

يجب العمل على ردم الفجوة بين سياسات التعليم وسياسات سوق العمل والحد من البطالة

 المرأة العاملة كانت أكثر عرضة من غيرها للإنتهاكات وفقدان الوظائف 

أصدر بيت العمال للدراسات تقريره بمناسبة يوم العمال العالمي تحت عنوان “تحديات الخروج من الأزمة”  سلط فيه الضوء على تحديات استمرار أزمة الجائحة التي أشار إلى أنها ما زالت تلقي بظلالها على الإقتصاد الوطني وعلى مختلف قطاعات العمل بصورة غير مسبوقة، في ظل التداعيات التي خلفتها على الوظائف والإنتاج، في أصعب أزمة محلية وعالمية يواجهها سوق العمل الأردني، سبقها في السنوات الأخيرة انحسار ملموس في قدرة الإقتصاد الوطني على استحداث فرص العمل، لتصل معدلات البطالة إلى مستويات قياسية في نهاية عام 2020 حيث بلغت (24.9%)، وهي النسبة الأسوأ في تاريخ المملكة، فاقت المعدلات التي سادت ما بعد الأزمة المالية التي شهدها الأردن في ثمانينيات القرن المنصرم. 

وبين التقرير أن الأزمة قد كشفت النقاب عن هشاشة عانى منها سوق العمل، وعن الإفتقار إلى متطلبات الحماية الإجتماعية للعديد من فئات العمال، خاصة العاملين في القطاع غير المنظم الذين يمثلون 48% من مجموع العاملين في المملكة، وأنه قد ظهر جليا خلال الأزمة مدى تعرض هذه الفئة لخطر فقدان الدخل اللازم لمعيشتهم وأسرهم، في ظل المؤشرات التي تؤكد بأن هذه الفئة بدأت في التوسع خلال الجائحة على حساب القطاع المنظم نتيجة فقدان الآلاف من وظائفهم، الأمر الذي يتطلب تبني منظومة من القواعد التي تدعم بشكل أفضل الفئات الأكثر ضعفا وتحقق الحماية اللازمة لهم، سواء من حيث شمولهم بالتأمينات الإجتماعية أو بالحمايات القانونية الأخرى في تشريعات العمل بشكل خاص، ووضع سياسات فعالة تنتشلهم من ظروفهم الصعبة أسوة بغيرهم من العاملين كخطوة أولى نحو تشجيع انتقالهم من الإقتصاد غير المنظم إلى الإقتصاد المنظم. 

وأشار التقرير إلى أن التصدي لهذه الأزمة يستدعي أن نرقى في التعامل مع الآثار المتوقعة للجائحة على سوق العمل إلى مستوى مواجهة الإتساع المتوقع في شريحة المتعطلين عن العمل في ظل الخيارات المحدودة المتاحة، فالسيناريو المتوقع للفترة القادمة يشير إلى أن معدل النمو في الناتج المحلي سوف يبقى منخفضا بعد أن وصل العام الماضي حسب بعض التقديرات إلى 6.5- % (سالب)، في ظل مؤشرات عدم قدرة العديد من القطاعات على الصمود أمام هذه الأزمة، والخشية من عدم قدرة السياسات الحكومية على احتوائها بشكل فعال خلال الشهور الأربعة القادمة رغم توجهات الحكومة للوصول إلى صيف آمن تفتح فيه جميع القطاعات، خاصة بعد أن تسببت الجائحة خلال العام الماضي في إضافة أكثر من 85 ألف متعطل جديد عن العمل إلى معدل البطالة الذي كان مرتفعا بصورة غير مسبوقة قبل الجائحة، ليصل مجموع المتعطلين إلى أكثر من 400 ألف متعطل مع نهاية عام 2020، ناهيك عن الشريحة الواسعة من العمال الذين تأثرت دخولهم بشكل ملموس إما نتيجة انقطاعهم المؤقت عن العمل أو نتيجة سماح أوامر الدفاع بتخفيض الأجور على نطاق واسع والذين وصل عددهم إلى ما يقرب من 500 ألف عامل. 

وشدد تقرير بيت العمال على أن المرحلة القادمة تتطلب العمل على تعزيز قدرات شبكات الأمان الإجتماعي وزيادة مخصصاتها وتوجيهها لمختلف الفئات الضعيفة من المواطنين ومختلف الأسر منخفضة الدخل، وكذلك الإستمرار في تقديم المساعدات النقدية والعينية العاجلة لهم، وزيادة قيمة الإعانات، وتوسيع الفئات المستفيدة منها، وتوسعة الشمول بالتأمين الصحي لكل من لا يحظى بتأمين رسمي أو خاص، وتخفيض قيمة الإشتراك في الضمان الإجتماعي، والتوسع في توفير الدعم اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للحفاظ على ديمومة عملها وحماية فرص العمل التي توفرها، ومن ذلك إعادة جدولة استحقاق القروض لفترة زمنية تتناسب مع المدة المتوقعة للأزمة، والتوسع في الإعفاءات والتسهيلات والقروض المخصصة لها، وكذلك استحداث البرامج التي تسهم في زيادة القدرة الشرائية للمواطن وإعفاء السلع الأساسية التي يحتاجها من الضريبة بهدف إنعاش الحركة الإقتصادية. 

وفي ظل توقعات عدم قدرة سوق العمل الأردني على استيعاب الأعداد الهائلة من الداخلين الجدد الذين يقدر عددهم سنويا بأكثر من 100 ألف وبشكل خاص الجامعيين منهم، أشار التقرير إلى أنه قد آن الأوان للعمل بجد على إصلاح السياسات التعليمية للحد من زيادة معدلات البطالة بين فئة الجامعيين، والتوجه نحو تأهيل العمالة التقنية والفنية التي يفتقد إليها سوق العمل في كثير من القطاعات، وتفعيل التنسيق اللازم مع القطاع الخاص لرصد احتياجاته الحقيقية من التخصصات ومن البرامج التي تنسجم مع المتطلبات الفنية لأعماله، ووضع استراتيجيات وطنية شاملة تجمع بين السياسات والبرامج التعليمية من جهة، وسياسات وبرامج التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني من جهة أخرى، وهي إجراءات سوف تحد من العوامل التي تسهم في تقليص الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل، والحد من حالات فقدان الوظائف التي تنذر بآثار سلبية على الأمن الإجتماعي. 

وبين التقرير بأن المرأة العاملة كانت خلال الجائحة أكثر عرضة من غيرها للصعوبات والإنتهاكات وفقدان الوظائف، في ظل إنخفاض مزمن في نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية، الأمر الذي يتطلب تفعيل تطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة بعمل المرأة وحماياتها وحقوقها، والتفاعل بين الحكومة ومنظمات أصحاب العمل لتوفير متطلبات تعزيز وضع المرأة في سوق العمل، وتوسيع الخيارات المهنية لها، واكسابها المهارت والتدريب اللازم، ورفع وعيها بفرص العمل المتاحة، وسياسات الأمان والحماية الاجتماعية، ونشر الوعي بحقوق المرأة العاملة لدى أصحاب العمل، وقواعد المساواة بين الجنسين، وتكافؤ الفرص في إجراءات التعيين والترقية والتدريب، وتفعيل آليات ميسرة ومحفزة لتطبيق أشكال العمل المرن، وتوفير بنية تحتية للعناية الاجتماعية للمرأة العاملة بجودة وكلفة مناسبة (خدمات ومرافق، حضانات، مواصلات…). 

وعلى مستوى السياسات الاجتماعية أوصى بيت العمال في تقريره بأن يتم العمل على تطوير سياسات الحد من الفقر، وتحسين الظروف الاجتماعية لأسر الأطفال العاملين وكذلك الأطفال المعرضين للإنخراط في سوق العمل أكثر من أي وقت مضى نتيجة الصعوبات التي يواجهها أرباب أسرهم، في وقت ازدادت فيه نسب عمل الأطفال بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، وأن يتم العمل على دعم الأسر المعرضة للمخاطر الاجتماعية والنفسية وربطها بشبكات الأمان الاجتماعي وتعزيز دور المجتمع المحلي في تحسين ظروف الأسر المعرضة وحماية الأطفال المعرضين، وإعادة تأهيل الأطفال العاملين الذين تعرضوا لمشكلات اجتماعية أو نفسية ودمجهم في المجتمع وحمايتهم من الإساءة أو الإيذاء النفسي والجسدي أو العنف.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.