22 Oct
22Oct

أثار قرار الحكومة، أول من أمس، بتعليق عمل الحضانات حتى نهاية العام الحالي، احتجاجات بين مالكي الحضانات وأهال عاملين، أطفالهم مسجلون بالحضانات، ليتصدر وسم “#لالإغلاقالحضانات”، مواقع التواصل الاجتماعي.


وفيما احتشدت مواقع التواصل بتساؤلات حول آلية توفير حماية لأطفال الأمهات العاملات، قال وزير التنمية الاجتماعية، أيمن المفلح، إن “القرار الذي أعلنه جاء بناء على توصية من اللجنة الوطنية للأوبئة”، مؤكدا أن الوزارة رصدت إصابات بفيروس كورونا المستجد لعاملي حضانات، ما استدعى تعطيلها، حرصا على سلامة الأطفال.


وزيرة تطوير الأداء المؤسسي، رابعة العجارمة، صرحت أن الوزارات والمؤسسات الرسمية والدوائر والشركات الحكومية، ستراعي أوضاع الأمهات العاملات، بحيث يحدد دوامهن عن بُعد أثناء تعطيل الحضانات ورياض الأطفال.


وفيما يتعلق بعاملات القطاع الخاص، دعت العجارمة أصحاب العمل إلى مراعاة أوضاعهن من منطلق المسؤولية الوطنية.


لكن أمهات وفي تعليقاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرن أن تطبيق العمل المرن ليس متاحا في غالبية المهن، خاصة المتعلقة بالقطاع الصحي، او خدمة الجمهور، وحتى في حال تعاون القطاع الخاص، فإن عمل المرأة من المنزل في ظل وجود مسؤوليات رعائية لها، سيكون مستحيلا.


وترى الأمهات، أن الحكومة تركت الأسر في مواجهة خيارات صعبة، قد تدفعها لاتخاذ قرارات تكيف سلبية.


وضمن ردود الفعل على القرار الحكومي، عقدت مؤسسة صداقة “نحو بيئة عمل صديقة للمرأة”، جلسة حوارية، أول من أمس، لمناقشة اثر القرار الحكومي على المشاركة النسائية في سوق العمل، إذ أكدت مشاركات يمثلن جهات قانونية، وأمهات وصاحبات حضانات، “أن القرار غير مدروس وينسف جهود ضمان توفير بيئة آمنة وصحية لأطفال العاملات”.


وأشرن إلى البروتوكول، الذي أطلقته وزارتا التنمية الاجتماعية والصحة بالتنسيق مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة، بشأن إعادة عمل الحضانات، ضمن شروط صارمة فرضت عليها، أبرزها اجراء فحص كورونا لعاملي الحضانات، والعمل بطاقة استيعابية قدرها 50 %، ما زاد من الأعباء المادية المتراكمة على الحضانات، إلى جانب خسائر التعطل جراء الحظر الأول، وتراكم أجور العاملات والإيجارات.


التبعات الاقتصادية القاسية التي ستطال الحضانات، سيتضرر منها 683 حضانة تجارية من بين أكثر من 1400 عاملة في المملكة، وهذا دفع بأصحاب حضانات وغالبيتهم من النساء للاعتصام صباح أمس أمام مقر وزارة التنمية الاجتماعية، احتجاجا على القرار “غير المدروس”، بحسب وجهة نظرهن، والتي ستمس تبعاته أصحاب الحضانات وعاملاتها.


الاعتصام، الذي شارك فيه العشرات من أصحاب وصاحبات الحضانات، فضته قوات الأمن، حيث قال مصدر أمني إن “فض الاعتصام، جاء بسبب مخالفة المعتصمين لأوامر قانون الدفاع التي تحد من التجمعات”.


إحدى المعتصمات قالت “نريد توضيحا من الحكومة على قراراتها العشوائية غير المفهومة، والوصول الى حل، لأننا سنتحول الى غارمات بسبب تراكم الديون علينا”.


مالك حضانة، طلب عدم نشر اسمه، قال “ظهيرة أول من أمس وصلتنا مراسلات من وزارة التنمية، تتعلق بتدابير متابعة الحضانات، ما اعطى مؤشرا لاستمرارية عملنا، لكننا تفاجأنا باعلان وزير الدولة لشؤون الإعلام، علي العايد، بإغلاق الحضانات”.


اما ماسة الدلقموني، صاحبة حضانة، فعلقت على صفحتها على “فيسبوك”، قائلة “نهاية العام ليست على الابواب لأصحاب الحضانات الذين لن يتمكنوا من دفع الرواتب والإيجارات والتكاليف المترتبة عليهم، ولا للموظفات اللواتي لم يتسلمن رواتبهن، ولا لكل امرأة عاملة أنهت إجازاتها وأيام عطلها الرسمية لوجودها مع أبنائها في المنزل، وتهدد يوميا بالاستغناء عن خدماتها، ولا لأي أم منفصلة أو أب”.


وأضافت “سيصاب الأطفال بنوع من الكآبة لوجودهم المستمر في المنازل. هذا التاريخ ليس على الأبواب لقطاع وقف ودعم الحكومة في هذه الجائحة، وتحمل ضرر 3 أشهر بصمت، بالإضافة لما ترتب عليه من قروض وغيرها. هذا الباب الذي تراه قريبا يبدو لنا كأصحاب حضانات بعيدا جدا، فهذا التاريخ يعني للكثير من الحضانات تاريخ إغلاق استثمار”، داعية لأن تتراجع الحكومة عن قرارها بأسرع وقت ممكن.


الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، سلمى النمس؛ حذرت من استمرار تعليق عمل الحضانات والمؤسسات التعليمية والمدارس للاطفال دون الـ12 عاما، مبينة أنها “راجعت موقع منظمة الصحة العالمية، والعديد من الدراسات والابحاث، لكن لا يوجد ما يثبت بأن الحضانات أو رياض الاطفال أو المدارس، بؤر لتفشي الوباء”.


وتساءلت “لماذا لا نستفيد من تجارب دول العالم الاخرى؟. هناك دول طبقت النظام الهجين بالدمج بين التعليم الوجاهي وعن بعد، في حين أعطت بعض الدول القرار للأهل في الاختيار، واخرى كانت وفق حالة كل مدرسة على حدة”.


وقالت النمس “للاسف لجأنا للخيار السهل، لكنه يأتي على حساب الأطفال والعائلات”، متساءلة “هل درسنا الأثر النفسي لبقاء الأطفال حبيسين في المنازل؟، هل أخذنا بالاعتبار حالة التوتر غير المسبوقة للأسر، والتي تنعكس سلبا على العلاقة داخل الأسرة وانعكاساتها الخطرة على الأطفال؟”.


ودعت الى خلق توازنات واعطاء الأولية للصحة الجسدية والنفسية للأطفال والأسر، والتي تستدعي اعادة فتح المرافق الخاصة بالطفولة.


من ناحيتها، قالت العين هيفاء النجار “أعي تماما أن الوضع الوبائي في المملكة صعب ويحتاج من الجميع لمزيد من الوعي وإجراءات الاحتراز والمسؤولية الفردية والجماعية لمواجهة الوباء”.


وأضافت “لكني أتساءل عن مدى دراسة قرار إغلاق الحضانات ورياض الأطفال حتى نهاية الفصل الأول وأثره على الوطن ومدخلات التنمية البشرية بكل جوانبها فيه. كما ويأسرني الخوف على أطفال الأردن من هذا القرار بقدر خوفي من الوباء لا بل أكثر.”


وزادت “آمل من كل قلبي أن لا يكون هذا القرار كجزء من الحلول السريعة التي نتخذها ضمن رد فعل سريع للمواجهة ولا يأتي ضمن ضرورة الاستجابة السريعة. كما وآمل أن نتجاوز قرارات الاستجابة حتى ولو كانت ضرورية إلى تطوير قراراتنا لتكون مبنية على الاستباقية والدراسة البحثية العلمية”.


إلى ذلك، رفعت “شؤون المرأة”، أمس، كتابا الى رئيس الوزراء بشر الخصاونة حول عودة فتح الحضانات ورياض الأطفال والمدارس، قالت فيه إن “أزمة كورونا القت بظلالها على جهود الأردن السابقة المتعلقة بتمكين المرأة، بخاصة في مجال مشاركتها الاقتصادية، باعتبارها أولوية وطنية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة”.


وتساءلت حول قرار إغلاق الحضانات ورياض الأطفال حتى نهاية العام الحالي، كجزء من الإجراءات الوقائية لمنع تفشي “كورونا”، وأثر ذلك على الأطفال والأسر والآباء والأمهات المعيلين، وإلقاء أعباء إضافية، بخاصة على أسر لديها أكثر من طفل من فئات عمرية متعددة، وبحاجة لمساندة من آبائهم وأمهاتهم لمتابعة التعليم عن بعد، ورعاية أطفال دون سن الـ5، الى جانب الأعباء الإضافية الواقعة في الحالات التي يكون رب الأسرة فيها وحيداً أرمل/ة، مطلق/ة”.


وأضافت “لم يراع القرار بأن هناك مهنا حيوية لا يمكن تطبيق العمل فيها عن بعد، مثل القطاع الصحي (العام والخاص) أو العسكري”.


واعتبر الكتاب أن مثل هذا القرار، “قد يؤدي لاختيار آليات تكييف سلبية، كترك الأطفال وحدهم في المنزل دون رعاية، أو توكيل الطفل الأكبر سناً لرعاية الأصغر سناً، أو اللجوء للحضانات المنزلية غير المرخصة وغير الآمنة، والتي لا تخضع للرقابة لضمان التزامها بمعايير السلامة والصحة المعتمدة، ما يعرض الأطفال للخطر، ويزيد من حالات انتشار الفيروس الذي تسعى الحكومة لاحتوائه”.


وفي مجال الإجراءات الصادرة عن الحكومة بتطبيق نظام العمل عن بعد للأمهات العاملات، اعتبرت اللجنة أن ذلك لا يلغي الأعباء الإضافية على العاملات في المنزل، ولا يضمن استجابة القطاع الخاص بالعمل عن بعد، أو تطبيق العمل المرن. ما سيزيد من احتمالية الاستغناء عن الأمهات العاملات او تخفيض أجورهن، بحجة عدم تمكنهن من الالتحاق بالعمل بشكل كامل، بسبب عدم توافر حضانات وأماكن رعاية للأطفال.


وأضاف أن كثيرا من الأسر تعتمد على الدخل الثنائي، ما سيؤثر بشكل كبير على دخلها، وقدرتها على توفير احتياجاتها، بخاصة عند اللجوء لخدمات رعاية غير مرخصة أو خاضعة للرقابة.


وفي الوقت الذي يعتبر فيه ترخيص وتنظيم عمل الحضانات المنزلية امراً مهماً، لكن اللجنة رأت ان اتخاذ قرار بإصدار نظام حضانات منزلية، قد يكون غير مدروس، كما انه لا يضمن التزام الحضانات بتوفير بيئة صحية آمنة في ظل ضعف الرقابة والتفتيش.


واشارت الى أثر الإغلاق على أصحاب وصاحبات الحضانات، بحيث أن الحضانات من أكثر القطاعات المتضررة منذ بداية الجائحة، وتعتمد على الدخل الشهري لدفع التزاماتها، وهي من أكثر القطاعات المشغلة للمرأة.


وطلبت اللجنة الايعاز للجهات المختصة بإعادة النظر في قرار إغلاق الحضانات والمؤسسات التعليمية للأطفال تحت عمر الـ12 عاما، وتبني إجراءات وقاية من العدوى، وضمان حق الأطفال بالتعليم والرعاية وحماية الأسر، للمحافظة على إنجازات الأردن في مجال تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها الاقتصادية. 

الغد - نادين النمري



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.