معلومة تأمينية استثمارية رقم (151)

أحد عشر تساؤلاً سريعة على هامش المؤتمر الصحفي لرئيسة صندوق استثمار أموال الضمان..!

جميل أن تعقد رئيسة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي مؤتمراً صحفياً مبكراً للحديث عن إنجازات الصندوق وأدائه الاستثماري خلال عام 2021، ولمّا يمض على انتهاء العام سوى خمسة عشر يوماً فقط، وهذا يسجّل للصندوق، رغم التعجل الملحوظ في توقيت اللقاء، كما أن النتائج التي تم استعراضها جيدة ونتمنى أن تكون أوفر في السنوات القادمة، إذ حقق الصندوق دخلاً خلال عام 2021 بقيمة (575) مليون دينار، وقالت رئيسة الصندوق بأن الارتفاع في موجودات الصندوق بلغ (1.1) مليار دينار.

إلى هنا، فإنني أطرح التساؤلات التالية على عجالة، معلقاً ومعقباً على هامش المؤتمر الذي أسهم في تسخين الأجواء رغم برودة الطقس العالية:

1)  لم تتم الإشارة إلى الفائض التأميني المحوّل من مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى صندوق الاستثمار خلال عام 2021، في حال تم تحويل أي مبلغ كفائض تأميني، وهذا مهم في دراسة كافة أسباب النمو في الموجودات.  وإن كنت أرجّح أن الفائض التأميني المحوّل للصندوق من المؤسسة كان بحدود (100) مليون دينار، مع العلم بأن ما تم تحويله فوائض تأمينية للصندوق منذ عام 2004 يناهز الستة مليارات دينار، واذا أردتِ استعراضها سنة بسنة فسأفعل..!

2)  تم الحديث عن عائد استثماري مقدارة (575) مليون دينار، وعن ارتفاع بالقيمة الدفترية للأسهم الاستراتيجية بقيمة (411) مليون دينار، لكنها لم توضح أن انخفاض سعر السهم في مقبل الأيام لا سمح الله قد يهبط بالموجودات بنسبة عالية، كما لم تشر إلى أن الصندوق يعد لاعباً مهماً في السوق المالي وبمبالغ تعدّت الملياري دينار، حيث تشكل محفظة الأسهم ما نسبته (16.6%) من الموجودات، وهو سلاح ذو حدّين، فقد يعيق ذلك أي توجّه للصندوق تدعو له الحاجة لإعادة توزيع محافظه الاستثمارية، إذ ليس من السهولة تسييل محفظة بهذا الحجم.

3)  الأمر نفسه ينطبق أيضاً على محفظة السندات التي تستحوذ على (57%) من الموجودات، والتي يتعذّر تسييلها في حال لاحت لصندوق الاستثمار فرص استثمارية ذات جدوى عالية.

4)  تقول رئيسة الصندوق بأن المحافظ الاستثمارية موزعة بما يتوافق مع التوزيع الاستراتيجي المستهدف والمُقَرّ من مجلس إدارة الضمان، لكنها لم تذكر كيف صعد هذا التوزيع ولا سيما لمحفظة السندات بوتيرة متسارعة منذ عام 2010، حيث كانت قيمة هذه المحفظة (1.1) مليار دينار، وبنسبة (22.5%) من إجمالي الموجودات في تلك السنة، لتتدرج بالارتفاع بوتيرة متسارعة إلى أن بلغت قيمتها (6.9) مليار دينار حالياً لتشكّل ما نسبته (57%) من الموجودات، فهل هذا الارتفاع في محفظة واحدة سليم وينم عن تنويع وتوزيع صحيح للأدوات الاستثمارية، لا سيما وأن الدراسات الاكتوارية تطرقت إلى ضرورة التوزيع المتوازن للمحفظة الاستثمارية بين أدوات الاستثمار المختلفة من أجل تقليل نسبة المخاطرة. فكيف تقول رئيسة الصندوق بأن الصندوق يعمل وفق أفضل الممارسات العالمية، في حين أن الواقع يؤكد غياب أداة مهمة من أدوات إدارة المحافظ الاستثمارية للصندوق وهي الوصول إلى محفظة استثمارية مثلى (Portfolio Optimization)، إضافة إلى أداة مهمة أخرى هي إدارة الموجودات والمطلوبات (Assets-Liability Management).

5)  تقول رئيسة الاستثمار بأن هناك مشاريع استثمارية مع الحكومة منها الناقل الوطني، وأعتقد تقصد المياه، وبناء مدارس حكومية، وعدد من مشاريع البنية التحتية، وتأسيس شركة للاستثمار في البنية التحتية، إضافة إلى المشروعات القائمة مع الحكومة وهذا جميل لكن ألا يرفع هذا من نسبة التركّز المرتفعة أساساً للاستثمارات والمشروعات ذات الصلة بالحكومة، ألا يكفي الاستحواذ الكبير لمحفظة السندات الحكومية، ألا يزيد ذلك من نسبة المخاطرة الاستثمارية..!؟

6)  لم تتطرق رئيسة صندوق الاستثمار إلى تفاصيل مهمة تتعلق بمحفظة الاستثمار السياحي التي تعاني، والتي تناهر قيمتها (292) مليون دينار بما نسبته (2.7%) من موجودات الصندوق، وفيما إذا حققت عوائد استثمارية خلال العام الماضي أم لا..!

7)  لم تتطرق إلى تعطل فندق كراون بلازا البتراء منذ أكثر من عشر سنوات، وضياع مبالغ مالية وعوائد استثمارية لا تقل عن (11) مليون دينار خلال هذه الفترة كان يحققها قبل تعطله، وفقدان (300) موظف وعامل في الفندق لوظائفهم منذ ذلك الوقت، وخسارة مبالغ كبيرة نتيجة عطب وخراب تجهيزات وموجودات الفندق التي تم إلقاؤها في العراء فترة طويلة، علماً بأن كلفة هذا الفندق بلغت (14) مليون دينار، وكلفة إعادة تأهيله حالياً تناهز هذا المبلغ أيضاً، كما لم تتطرق إلى كلفة تحديث فندق انتركونتيننتال العقبة الذي لم يمض على تشغيله سوى 14 سنة، والذي ستبلغ كلفة تحديثه أكثر من (13) مليون دينار، وفيما إذا كان سيتعطل خلال فترة التحديث أم لا..!!

8)لم تتطرق إلى فندق عمان الشام بالاس المغلق أيضاً منذ عام 2016، وهو من الفنادق الكبيرة في عمان، ولا يزال الصندوق وذراعه في إدارة محفظة الاستثمار السياحي وهي الشركة الوطنية للتنمية السياحية يدرسان سيناريوهات تشغيله، علماً بأن تكلفة إنشاء هذا الفندق ناهزت (10) ملايين دينار، كما لم تتطرق إلى الاستراحات السياحية التي يمتلكها الصندوق وعددها ( استراحات، وعدد منها مغلق أو معطّل مع الأسف ومنها استراحة الكرك التي تتربع على موقع موقع استراتيجي جداً على مرمى أمتار من بوابة قلعة الكرك التاريخية..! 

9)  لم تجب رئيسة صندوق الاستثمار على ما طرحناه سابقاً من أسئلة تتصل بعوائد الاستثمار المفقودة الناجمة عن عدم تحويل مبالغ مالية كبيرة من الفوائض التأمينية للصندوق، ولا سيما ما أشار إليه مدقق الحسابات القانوني في تقريره الملحق بالتقرير السنوي للصندوق لعام 2020 بقوله: (كان لأوامر الدفاع أثر غير مباشر على عمليات صندوق استثمار أموال الضمان، بحيث اتخفضت صافي المبالغ المحولة من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للعام 2020 بملغ (369) مليون دينار مقارنة مع عام 2019، والتي كان من المتوجب استغلال هذه المبالغ لتحقيق عوائد مالية للصندوق للعام 2020)..!!

10)  يضاف إلى النقطة السابقة، مبالغ الاشتراكات الضائعة التي كان لها دور كبير في زيادة الفوائض التأمينية المالية، بسبب ما يسمى بتعليق تأمين الشيخوخة، وتخفيض الاشتراكات إلى النصف أو الربع، وهي برامج لا تزال قائمة إلى الآن. مما أثّر بالتأكيد على النشاط الاستثماري للصندوق وقلل من الدخل المتحقق خلال السنتين الماضيتين، وربما سيمتد ذلك الأثر إلى العام الحالي. حيث لم تشر رئيسة الصندوق إلى آثار هذه البرامج التي تم من خلالها إنفاق مئات الملايين..! فما أثرها على الاستثمار والمحافظ الاستثمارية المختلفة، وكان يفترض أن تشير إلى ذلك بوضوح وتفصيل، مما تقتضيه شفافية الإفصاح.

11) لم تتطرق رئيسة الصندوق إلى أهمية ما يعوّل على النشاط الاستثماري للصندوق من خلق فرص العمل للأردنيين، وهو مع الأسف دور خجول جداً للصندوق في ظل قلة المشروعات الانتاجية التي ينشئها، لا بل كان هناك إسهام في فقدان المئات لوظائفهم في أكبر مؤسستين صحيفتين أردنيتين يمتلك الضمان (30%) من إحداهما و (54%) من الأخرى، إضافة إلى من فقدوا وظائفهم من فنادق الضمان المذكورة..!

هذا بعض ما أردت المرور عليه بعجالة، ولديّ مسائل أخرى قد يكون مجالها منشور آخر. ومع كل ما ذكرته، فهذا لا يعني أبداً أنني أقلل من جهود الزملاء في صندوق استثمار أموال الضمان على الإطلاق، لكنني أتحدث عن قضايا تتعلق بسياسات وقرارات، قد لا يكون لأغلب الزملاء دخل فيها، ومع ذلك، فإن الهدف من النقاش هو التصحيح والتصويب والوصول إلى أداء استثماري أفضل وأمثل، لا سيما وأننا نتحدث عن صندوق هو صندوق الأجيال كلها، وهي أمانة كبيرة في أعناقنا جميعاً، وبخاصة في أعناق أصحاب القرار وراسمي سياسات الصندوق الاستثمارية وكل من له صلة بالقرار والتخطيط والرقابة والحوكمة وإدارة المخاطر. ولا يُقبَل من رئيسة الصندوق أن تتحدث عن ممارسة استثمارية ضمن المعايير العالمية وعن حوكمة استثمارية ونحن نضع نسبة كبيرة من بيضاتنا في سلة واحدة، فإذا سقطت أرضاً لا سمح الله تكسّر البيض ولم يعد صالحاً حتى لصنع طبق من العجة..!

ولنا عودة إن شاء الله في منشور قادم عن حوكمة القرار الاستثماري في الصندوق وما شابه.