10 Jun
10Jun

" توقع بيت العمال زيادة عدد الأطفال العاملين في المملكة بنسبة 25% عما كانت عليه في آخر مسح احصائي تم في عام 2016، وأن يكون عدد الأطفال العاملين قد ارتفع إلى حوالي 100 ألف طفل عامل بعد أن كان عام 2016 حوالي 76 ألفا. جاء ذلك في تقرير أصدره بيت العمال بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال الذي يصادف في الثاني عشر من حزيران/يونيو من كل عام، وإعلان الأمم المتحدة عام 2021 السنة الدولية للقضاء على عمل الأطفال، وهو ما اعتبره التقرير اعترافا من العالم أجمع بما تشكله هذه الظاهرة من خطورة بالغه تهدد  طفل واحد من بين كل عشرة أطفال على مستوى العالم، وفي وقت تزايدت التحديات أمام الأردن ومختلف دول العالم مع استمرار تداعيات فيروس كورونا خلال ما يقرب من عام ونصف. 

وحذر التقرير من أن مشكلة عمل الأطفال باتت تشكل تهديدًا واضحًا مع ارتفاع معدل البطالة إلى مستوى قياسي (24.7%) وانضمام أكثر من 80 ألف متعطل عن العمل إلى صفوف البطالة خلال عام 2020، وانخفاض أجور أكثر من 500 ألف عامل مما أثر سلبا على دخل ما يقرب من مليونين ونصف مليون مواطن، وتوقف أعمال معظم العاملين في القطاع غير المنظم لفترات طويلة وهم يمثلون ما يقرب من نصف العمالة في المملكة ومنهم عمال المياومة والعاملون لحسابهم الخاص، وارتفاع معدل الفقر حسب بعض التقديرات إلى (26%)، ونقص الخدمات والحمايات الإجتماعية، في ظل إغلاق المدارس والتعليم عن بعد، الأمر الذي دفع العديد من الأسر التي فقدت عملها ومصدر رزقها أو تعرضت لتخفيض دخل معيلها إلى الزجّ بأطفالها إلى سوق العمل من أجل توفير قوتها اليومي. 

ونوه التقرير إلى أن الحاجة أصبحت ماسة لتحديث البيانات الخاصة بعمل الأطفال لقياس مدى الأثر الذي سببته الجائحة، حيث لا تتوفر سوى أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال عام 2016، الذي كان يشير إلى أن عدد الأطفال العاملين في الفئة العمرية (5-17 سنة) كان يبلغ حوالي 76 ألف طفل، منهم حوالي 70 ألف طفل يعتبر تشغيلهم مخالفا للقانون، يعمل ما يقرب من 45 ألف منهم في أعمال تصنف بأنها خطرة وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل، وتتمثل أبرز النشاطات الاقتصادية التي يعملون بها في "تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات" بنسبة 29%، يليه العمل في "الزراعة والحراجة" 28%، وفي "الصناعات التحويلية والانشاء والتشييد" 11% لكل منهما. 

أرشيفية

وبين تقرير بيت العمال إلى أنه وعلى الرغم من مصادقة الأردن على أهم الإتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال، ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقيتي العمل الدوليتين رقم (138) بشأن "الحد الأدنى لسن الاستخدام" ورقم (182) بشأن "حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال" ورغم أن قانون العمل الأردني جاء منسجما مع هذه المبادئ، فمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشر من عمره بأي صورة من الصور، ومنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغ الثامنة عشر من عمره، وعلى أن لا تزيد ساعات عمله عن ست ساعات، وأن لا يتم تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية، إلا أن هذه الأحكام لم تفلح في الحد من هذه المشكلة التي ما زالت تتفاقم سنويا، وما زالت حالات المخالفات التي يتم ضبطها والتي تبلغ سنويا ما يقرب من 500 حالة ضئيلة جدا مقارنة بعدد الأطفال العاملين، في وقت افتقدت فيه السياسات والبرامج الخاصة بالحد من عمل الأطفال للتنسيق الفعال بين الجهات المعنية لتنفيذها. 

واعتبر التقرير أن صدور "الإطار الوطني للحد من حالات الأطفال العاملين والمتسولين" وكذلك "دليل إجراءات التعامل مع حالات الأطفال العاملين والمتسولين" وإقرارهما من مجلس الوزراء في آذار من هذا العام يمثل نقلة نوعية في التعامل مع حالات عمل الأطفال، حيث اشتمل على مختلف أنواع الخدمات اللازمة للطفل العامل ولأسرته وللمجتمع من مختلف الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة، في المجالات الإجتماعية والنفسية، والصحية، والإقتصادية، والتربوية والتعليمية، والقانونية والقضائية، وفي توفير الحماية والأمان، بعد أن كان الإطار الوطني السابق الصادر عام 2011 يقتصر على دور وزارات العمل والتنمية الإجتماعية والتربية والتعليم، إلا أنه أبدى خشيته من أن يؤدي دمج موضوع الأطفال المتسولين في الإطار الجديد مع موضوع عمل الأطفال إلى نوع من الإرتباك في التعامل مع قضايا عمل الأطفال نظرا لاختلاف طبيعة الإجراءات المتخذة بشأن كل منها، وأن يتسبب ذلك في المساس بمبدأ معاملة الطفل العامل على أنه ضحية، كما أوضح بأن التوسع الكبير في الخدمات التي ستقدم من خلال هذا الإطار وتشعب الجهات المعنية بتقديمها وأهمية تعاونها معا يتطلب وجود جهة مشرفة على التنفيذ ذات إمكانيات واسعة وهو ما لا يتوفر لغاية الآن.

 وأوصى التقرير بضرورة إعادة تشكيل الفريق الوطني لعمل الأطفال ووضع آلية عمل محكمة له من حيث المهام والصلاحيات وفعاليتها وتضمن دورية اجتماعاته، وكذلك تحديث الإستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال واعتمادها من مجلس الوزراء بحيث تكون ملزمة لجميع الجهات ذات العلاقة، مشيدا بمساعي الحكومة التي بدأت مؤخرا لتحقيق ذلك بالتعاون ما بين الجهات الرسمية والأهلية المعنية. كما أوصى بأن يتم اتخاذ إجراءات عاجلة على مستوى السياسات الإجتماعية للمساهم في التصدي لهذه المشكلة، وتطوير سياسات الحد من الفقر، وتحسين الظروف الإقتصادية لأسر الأطفال المعرضين للإنخراط في سوق العمل، وتطوير سياسات الحد من البطالة، وشمول عمال المياومة والعاملين لحسابهم الخاص بمظلة الضمان الإجتماعي، وربط الأسر المتضررة بشبكات الأمان الاجتماعي، وتطوير نظام متابعة لأسر الأطفال العاملين والمشردين لتقديم الدعم الاجتماعي والإرشادي لهم. 

كما طالب تقرير بيت العمال بإنشاء قاعدة بيانات وطنية خاصة بعمل الأطفال، بحيث تشمل على البيانات المتعلقة بالأطفال العاملين وكذلك المنقطعين والمتسربين من المدارس، وحالات التسول، وحالات الباعة المتجولين، والعابثين في النفايات بحيث تكون هذه المعلومات متاحة لجميع الجهات المعنية بقضايا عمل الأطفال.  


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.