20 Jun
20Jun

16 حزيران 2025

أصدر المركز الأردني لحقوق العمل (بيت العمال) ورقة موقف جديدة بعنوان "قياس عمالة الأطفال في ظل غياب المسح الشامل"، سلطت الضوء على الفجوة الكبيرة التي خلفها توقف المسوح الوطنية حول عمل الأطفال منذ عام 2016، وعلى الآثار السلبية لغياب البيانات المحدثة على قدرة الدولة في تصميم وتنفيذ وتقييم السياسات الموجهة لمعالجة هذه الظاهرة.

وأكدت الورقة أن آخر مسح وطني شامل أُجري عام 2016 بالتعاون بين دائرة الإحصاءات العامة ومنظمة العمل الدولية أشار إلى وجود نحو 75,982 طفلًا عاملًا، من بينهم أكثر من 44 ألفا يعملون في أعمال خطرة، وهو رقم مثل تضاعفا مقارنة بالمسح الذي أُجري عام 2007، والذي قدر عدد الأطفال العاملين حينها بنحو 33 ألف طفل. 

ورغم مرور تسع سنوات منذ ذلك الحين، لم يتم إجراء أي مسح جديد، الأمر الذي يبقي مؤسسات الدولة في حالة غياب عن الواقع الحقيقي للظاهرة.

وأشارت الورقة إلى أن غياب هذا النوع من المسوح يعيق التخطيط السليم ويحد من إمكانية تقييم الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال (2022–2030)، مشددة على ضرورة إدراج المسح ضمن الموازنة العامة للدولة وتنفيذه بشكل دوري لا يتجاوز كل ثلاث سنوات، وفقا للممارسات المعتمدة لدى منظمة العمل الدولية واليونيسف.

وفي ظل هذا الغياب، أوضحت الورقة أنه يمكن الاعتماد على أدوات تحليل معتمدة دوليًا لتقدير حجم الظاهرة وتطورها، عبر ربطها بمؤشرات موثوقة مثل معدلات الفقر والبطالة والتسرب المدرسي واتساع الاقتصاد غير المنظم، وهي مؤشرات تشهد ارتفاعا في الأردن، حيث تجاوز الفقر 24%، والبطالة 21%، وبلغت بين الشباب نحو 46%، فيما يقدر حجم الاقتصاد غير المنظم بنسبة تتراوح بين 55% و59% من مجمل سوق العمل، وفق تقارير رسمية دولية.

كما أبرزت الورقة الدور الهام الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني، والتي عملت على إنتاج تقديرات علمية تستند إلى هذه المؤشرات، باستخدام أدوات تحليل دولية موثوقة. وقدر "بيت العمال" استنادا إلى هذه النماذج أن عدد الأطفال العاملين في الأردن قد يصل إلى نحو 100 ألف طفل، مع التأكيد على أن هذه التقديرات ليست بديلاً عن المسح الرسمي، بل أداة تحليلية مؤقتة تدعم الدعوة العاجلة إلى تحديث البيانات.

كما تطرقت الورقة إلى التجربة العالمية، مشيرة إلى أن جائحة كوفيد‑19 تسببت وحدها بزيادة عدد الأطفال العاملين عالميا بنحو 8.5 ملايين طفل بين عامي 2016 و2020، وفقا لتقارير مشتركة صادرة عن منظمة العمل الدولية واليونيسف، في أول ارتفاع عالمي يسجل منذ أكثر من عقدين، ما يعكس هشاشة أوضاع الأطفال في ظل الأزمات، ويؤكد الحاجة إلى أنظمة رصد مرنة وفعالة.

وختمت الورقة بالتأكيد على أن حماية الأطفال من الانخراط في سوق العمل لا يمكن أن تتم دون قاعدة بيانات وطنية محدثة، وأن السياسات الفعالة تبدأ بالقياس والتشخيص، مما يجعل استئناف المسح الوطني أولوية لا تحتمل التأجيل.


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.